Friday, May 24, 2013

أكتب الآن..أكتب عن الآن



قطعا هناك طريق آمن للكتابة،طريق بأقل قدر من المخاطر،محفوف بالثناء المضمون،هل خضت فيه؟نعم قليلا،استمعت إلى التصفيق الحاد والممتع،ثم قذفت المصفقين بالحجارة والطماطم وصفافير الاستهجان،ثم عرجت فى طريقى،القارىء يعمل سجانا للكاتب فى المساء،لا يمكن انكار هذا،الكتبة فى الطريق الآمن،يقاومون تفكك أطرافهم.
الطريق الآمن،كان أقل مرحا،يحتفى بمنتظرى المخلص المنتظر والكاتب المثال،يعتقد رواد الطريق الآمن أن الكاتب المثال،لم يمت،لكنه صعد،سيعود روحا متلبسة فيهم،وحتى تحدث المعجزة،سيبذلون كل شىء لايقاف الزمن،لتكذيب الطرق.
الكتابة هناك،خارج الطريق الآمن.
 المرح؟ هل أكتب فقط من أجل المرح؟و من أجل الشهوة أيضا، اقتراف الذنب بكسر تصور مسبق عن الكتابة،والوقيعة بين شخص وبين تصوره الآمن عن العالم،إنها أشياء لطيفة وتدفعك دفعا للكتابة،الشهوة دافع مقنع،تكدير الصفو الاجتماعى أيضا،السلم العام،أنها وقود ملائم،لاقتراف فعل وقح كالكتابة.
التفاهة حقيقية أكثر من العظمة،العظمة وهم فى مخيلة كاتب ردىء.
لا أحتقر القراء-تماما-لكن عليك التخلص منهم بانتظام،لو فكرت فيهم،لاستنسخت حيواناتهم المنوية،لن تصير كاتبا ،بل مستنسخ حيوانات منوية مرموق.لمن أكتب إذن؟لقارىء على استعداد للتخلص منى،فور اكتشاف ومضة جديدة فى الأفق،يتناسب هذا مع طموحاتى ككاتب،أن  أتجاوز الزمن،أن يتجاوزنى الزمن،أن أصير نسيا منسيا،أفكار كالخلود تضحكنى الآن،فالعالم يقترب من تدمير ذاته،أى طفل صغير يقذف السلطة الهائشة بحجر عقب ثورتنا البائسة،يعرف ذلك،لا وقت للخلود،لا وقت للنجاة من التجربة.
دائما أملك نصيحة بخصوص الكتابة،فحتى قناديل البحر،لديها نصائح،حب النصيحة مرض مصاحب لكل كائن حى،لذا من الطبيعى أن يكون لدى واحدة:اكتب نشازك بجد،الجمهور سيقاتل من أجل الأوركسترا الوقورة والآمنة،مقاومته الهشة سيجرفها الرمل،نشازك سينجو لبرهة،ثم تأكله الريح،قبل أن تفعل،انتهز الفرصة،التقط صورة مبتسما وراضيا لنجاة نشازك للحظات،اجعلها بروفايل بيكتشر على فيس بوك،تفويت الاعجاب،أمر لا يليق.
إلى أى شكل من أشكال الكتابة،أطمئن؟الموت.
انتمى لتلك الفئة من الكتاب:المقامرون،الخونة،قناديل البحر،يوتيوب.أى فئة أكره من الكتاب؟الراسخون فى العلم.
أقدم على الكتابة بالوقاحة نفسها التى ينبغى أن أواجه بها العالم،بقليل من الاحترام لما ينبغى أن تكون عليه التصورات السابقة للكتابة وللحياة،مقابل ما أريد أن أكونه فعلا،بكثير من التجاهل لكهنة الكتابة.
كهنة الكتابة فى كل زاوية وركن،وعند كل بوابة،حراس الثقافة،يعتقدون فى الأسوار المعدة سلفا،بعضهم قراء،لكن الخبر المفرح:إنهم ميتون،فقط على أحد أن يترك لهم ورقة صغيرة ملونة تحمل تلك الملحوظة:عزيزى الكاهن..أنت ميت..انتبه لأطرافك المفككة.
ماذا تحملت؟الشك،الندوب التى يخلفها الذنب،المعايرة بالخطيئة،كلمات الميتين :الأدب الرفيع،الذوق العام،كان يمكن لروايتك أن تكون أسهل،كان عليك أن تكتب بتلك الطريقة،النسب البائس لكتاب لا أحبهم فقط لأنهم لم يقرءوا لسواهم.
اكتب الآن،اكتب عن الآن.

شهادتى عن الكتابة نشرت فى جريدة الأخبار اللبنانية ضمن ملف أعده الصحفى سيد محمود عن الأصوات الجديدة فى الأدب المصرى 


2 comments:

  1. يتحول تدريجيا لأحد أهم النصوص العربية بالنسبة لي
    شكرا على هذه الجرعة من تحقير الخلود..
    :)

    ReplyDelete
  2. This comment has been removed by a blog administrator.

    ReplyDelete