Saturday, May 30, 2015

حسن أرابيسك "الأصلي"..أو كيف تكره خالقك



أعبر نفق بشارع الأزهر إلى الحسين، ومنه إلى خان الخليلى حيث وجوه البائعين متشابهة ، لكن عبر شارع ضيق يصل بك إلى وكالة القطن بتصميمها العثماني يقع محل "علي حمامة " للأرابيسك وشهرته" حسن أرابيسك"، وهو الرجل الذى استلهم منه أسامة أنور عكاشة قصة المسلسل الشهير في التسعينات.
يقف عكاشة عند لحظة فريدة في التاريخ المصري، عندما قرر السلطان العثماني أن ينقل الموهبة المصرية، ممثلة فى الحرفيين المصريين إلى اسطنبول، و منهم حرفيو الأرابيسك، لكن عائلة حسن النعماني حفظت تلك المهنة عبر العصور، ليطرح سؤال الهوية فيما بعد عبر الفن الذى مارسه الفراعنة والأقباط وتميز فيه المسلمون ..من هم المصريون؟
على حمامة، ضمن عائلات قليلة حافظت على المهنة، تعود جذور عائلة علي حمامة التى توراثت المهنة عبر 18 جدا، إلى 950 عاما مضت، أحد أجداداه هو من صمم أحد كراسي السلطان سليم الأول، المشغول من الأرابيسك
المميز في حمامة أنه أشعل الموهبة من جديد، بعد توقفها لجيل أو اثنين، كانوا صنايعية مهرة أكثر منهم فنانين و أضاف بصمته على فن الأرابيسك، بدمجه لعدد من ثقافات الحضارات الأخرى في أعمالهم.
لكن أين المآساة؟
يعيش حمامة حياة أخرى، الشخصية الافتراضية المرسومة في سكريبت، صارت هى حياته الآن، يكره أسامة أنور عكاشة "الميت" حسبما وصفه، يعتقد أن ثأرا ما لم يتم بينه وبين صانعه، وأنهاه موت عكاشة، شيئا ما لم يجر لصالحه، رغم استفادته القصوى مما حدث لصالح تجارته التى ازدهرت، وأن استفاد عكاشة أكثر من تحويله إلى عمل فنى
يقول :"إنه تعرف عليه في قعدة مزاج، لأن أسامة كان صاحب مزاج، مش لوحدى يعنى"، مشيرا إلى حب حسن فى المسلسل للمخدرات.
اختلف "أرابيسك الأصلي" مع "أرابيسك الافتراضي" في نهاية المسلسل التى قام فيها بتفجير الفيلا بحثا عن الهوية المصرية، فلا يصدق أنه يستطيع أن يفجرعمله بيديه، لصالح أي فكرة مهما كانت، ربما كان يرغب أيضا في أسطورة نقية كالماس، أو على العكس تماما أن يحكي واقعه الحقيقى، لا ما أراد أسامة أن يستوحيه لصالح انتصار أفكاره، ويرغب الرجل في محو خالقه، وأن يكف المتطفلون أمثالي في الحديث عن عكاشة، والبدء في الحديث عن أرابيسك الحقيقي
كرسي السلطان
كرسى السلطان في المسلسل، الذى من المفترض أن جد حسن أرابيسك قد صنعه خصيصا للسلطان سليم الأول، ثم وجده بالصدفة في المسلسل وأضاعه، لا يحب هذا أيضا من عكاشة، لم يضيع شيئا : الكرسى مجرد ورقة في رسمة في كتاب قديم، لا تثبت أن جده هو الصانع ولا تنفى الأمر.
كان جده الأكبر حسن خليل، مدرس فى مدرسة الإلهامية، أحد حضانات الأرابيسك أثناء احتلال الأتراك لمصر و التابعة للباب العالى في الأستانة، مدرسة من عدة مدارس هدفها تعليم حرفة الأرابيسك، و كانت إدارتها بإشراف من الوالى المصري محمد على باشا مباشرة.
الجد حسن خليل اشتهر بالعمل فى القصور و شواهد قبور الأمراء، بينما عمه هو من شغل باب قصر العروبة و باب قصر الدوبارة، و تميز والد و جد على حمامة المباشر بالتمكن من العمل بالخط العريض.
قبل العصر العثمانى الذى نقل فيه موهوبى الشام و مصر من صناع الحرف كأسرى إلى اسطنبول، ظهر ما يسمى بالفنون"السلجوقية" في المنطقة العربية و التى شهدت ازدهارا كبيرا، حيث زينت أعمال"الأرابيسك" في القصور والبيوت و المساجد، و امتازت أشغالها بدقة الصنعة و براعة التنفيذ و جماليات تتواءم مع واقع المعمار فى تلك الأزمنة إلا أنها لازالت مستلهمة إلى الآن" حافظت عائلتنا على الخط الأساسى للمهنة، وإضافاتها تتميز بالحفاظ على الروح الأساسية للمهنة" بحسب حمامة.
حمامة نفذ شغل أرابيسك فى مدخل برج إيفل كما اشتهر بتنفيذه لفنه فى عدد من لوبيهات الفنادق و المطاعم فى أوروبا.

لكن عمله الأهم الذى يفتخر به، هو جامع الشهداء بغزة، يقول حمامة: نتيجة قصف الاحتلال الإسرائيلى، محيت كثير من المساجد الأثرية، جاءت لجنة من اليونسكو لحصر ما تبقى منها، وعندما وجدوا عمله مستخدما الرخام فى تطعيم الأعمال الخشبية فى جامع الشهداء اكتشفوا اختلافا عن العصور التى عرفوها عن الجوامع، فسألوا عن الصانع، و سجلوا عمله في موسوعة اليونسكو.

No comments:

Post a Comment