Sunday, May 13, 2012

مشاهد على هامش الليلة الكبيرة







فى منطقة درب السباع-سابقا،السيدة نفيسة حاليا،يمر المحبون،والمجاذيب،والمدعون،والأولياء،والشحاذون،والنبلاء،والعصاة والصالحين،والزهاد والمنافقون ،والعارفون بالحقيقة والعارفون بالوهم  على الطريق المسمى بطريق آل البيت،ليحيون الليلة الكبيرة لنفيسة العلوم،تلك التى لا تطرد أحدا،وتستقبل الجميع.
فمصر "المحروسة" :"ستظل كذلك،لأن آل البيت هنا،يكفلون لها خط الحماية الأخير من الموت"،كما يعتقد محبوا آل البيت.
هنا لا يوجد ثورجية،أو فلول أو اسلاميون أو عسكر،لا خير مطلق ولا شر مطلق هنا عالم آخر،لا وجود لأطراف متصارعة على مستقبل مجهول،هنا طرفين فقط فى المعادلة لا يعرفان سوى الأخذ والعطاء،مقام ومحبون،قطب ومريدون،خادمون لله يوزعون الطعام،وجوعى.واهبوا الفرح ومستقبليه.
مولد السيدة نفيسة لا ينفى الفقر،بل يثبت وجوده،لكنه لا يجعله بشعا أبدا،حيث الفقر الحاضر بقوة،يجد من ينشد له،ويقدم له البهجة مجانا،أو باسعار زهيدة.
هنا مكان المحبون،المجاذيب،المدعين،الأولياء،الشحاذين،النبلاء،العصاة،الصالحون،
الزهاد،المنافقون،العارفون بالحقيقة،والعارفون بالوهم..تقرأ نفيسة العلوم قلوبهم ،لكنها أبدا لا تطرد أحدا.

شبل..صياد "اللحم"


من العتبة،يتحرك شبل إلى المولد سيرا على الأقدام،لا يحمل فى عقله حب" آل البيت"،ولا فى قلبه أيضا،لكنه يشعر نحوهم بالعرفان نوعا.
هو "جائع" تلك هى الحقيقة،التى لم ينكرها أبدا.وهنا تشبع البطون كما أرادت،من مولد إلى مولد يستطيع شبل أن يرقص ويبتهج،ويأكل "اللحم" أيضا،دون أن يعايره أحدا بفقره،وبمشيته العرجاء نوعا،هنا..لن يضطر إلى مد اليد من أجل الحسنة،رغم كثرة الشحاذين فى الموالد.
يضمن شبل اللحم،منذ بدأت الليلة فى 16 إبريل وحتى انتهت فى 25إبريل،يحفظ مواعيد توزيع الطعام،يعرف اين اللحم الطيب،وأين لحم الموالد،يحتفظ باللحم الفائض عن الحاجة فى رغيف للافطار.
من حيث لا يحتسب،يأتى الرزق.لو كانت هناك حقيقة غير "الموت" لكانت تلك.
عمره 45 عاما،يحمل فى عقله جدول الموالد،التى يتبعها،جرب أن يعمل فى كل شىء،لكن كل شىء "متاح " له،لا يغنى ولا يسمن من جوع.
يأتى عصرا،يعلم أن السيدة نفيسة،تحب أن يصلى فيها "العصر".
الثورة"اطاحت برأس الغولة،لكنها لم تستعيد اللحم المسروق،الغولة تركت الجوع فى مكانه،الغولة إن احتفظت بجسدها،وباللحم المسروق،فما حاجتها إلى الرأس،ستنبت ألف رأس ".
خطبة ما بعد العصر،تلوم "السنيين" لأنهم يحرمون الموالد،"يظنون أننا نتوسل للسيدة نفيسة"،بينما الله فى كتابه الكريم"لا يسألنا عليه أجرا،الا المودة فى القربى"،لا أحد يدعو السيدة نفيسة،الكل يدعو الله ويقرأ لها الفاتحة"،يتبركون بالمكان فقط.
الخطيب،يلوم "السنيين" ويلوم معهم من جاؤوا من أجل البهجة فقط،لا من أجل التأسى بمآثر السيدة نفيسة وآل البيت.
يشعر "شبل" قليلا بوخز الضمير،لاوقت للجائعين للتأسى بشىء،هى حقا ستعرف،هى ستسامحه على نواياه أكثر من الخطيب،من السنيين.
"ارتاح  فى المسجد"،الكل يفعل.اجىء هنا من سنوات،واعرف أن  المطرودين من رحمة الدنيا،يأتون هنا للراحة،للبكاء بقوة.
قد تجد ضابطا كبيرا أقيل من منصبه،رجال اعمال خسروا اموالهم،ممثلات فاتتهم الشهرة،أعمار فاتها القطار،الكل يجىء ليبكى،وليداوى أثر الجرح ،فى مصحة السيدة نفيسة.
هذا ليس مكان الخاسرين فقط،بل مشاهير كثر،واقوياء فى عالمهم،يأتون هنا خاضعون،خدمتهم السيدة نفيسة من قبل عندما تعثر بهم الحال،يظلون خدامها فى الخفاء،فقد أمدتهم بالقوة للمواصلة،بعضهم قد لا يكون نبيلا بما يكفى فى الخارج،لكنه هنا يعود طفلا خانعا وبريئا،الكثير من التوبة،الغفران،البركة،فى أرض درب السباع،فقط لمن يملك الثمن"المودة فى القربى".
عند المقام يحاول شبل البكاء،فلا يستطيع فيقرأ الفاتحة،لم يزدحم المقام بالمحبين بعد،لكن صندوق النذر،لم يكن بعيدا عن يدى اللص،الذى كشفه شبل،كان يصطاد النقود بسلك.
السيدة نفيسة تمنحه الفرصة،ليرد قليلا من الدين،الصندوق انقذه شبل،من يد اللص.
اشار إليه لأحد خدام الجامع،أخذه برفق،كان اللص يقسم ويده تمسك بالخمسة جنيه،بالله العظيم أنه لم يسرق شيئا.
"فى الأغلب لن يسلموه للشرطة" يقول شبل،رأيتهم يأخذونه برفق إلى الخارج،لولا الحاجة ما سرق،السيدة تعلم،لن تؤذيه".
لم يتابع شبل ما حدث للص،لأنه "خرمان"،كنت فى حاجة إلى الشاى،الدخان.
خرج شبل إلى مقهى،يحتل صاحبه الرصيف.
 صبى المقهى،محمد 21 عاما،جاء من اسيوط،منذ 6 سنوات بحثا عن العمل الذى لا يتوفر فى المحافظة،الكبيرة.
محمد تكرار لآلاف القصص التى جاءت إلى القاهرة،بأحلام عرضها السماء والأرض،وتنتهى ب"لو فقط وجدت عملا أفضل من هذا،ربما يتعدل الوضع"
لم يغادر محمد المقهى،منذ قرر المجىء إلى هنا وعمره 15 عاما فقط،كان يأمل أن تكون محطة مؤقتة قبل الانتقال إلى الثراء.
"ماذا كنت ستفعل لو كنت ثريا؟.
يقول محمد"ساشترى باركينج السيارات،خلف سور المقهى،قطعة الأرض ثمنها بالملايين عرضتها الحكومة للبيع،تلك الملايين لا يملك ثمنها سوى تجار الآثار".
"هل شرط أن تصبح غنيا أن تسرق آثار؟ هل تتمنى ذلك؟".
"لم تعد هناك آثار،لتجعلنى غنيا،من نهب قد نهب قبل أن ارى الدنيا،لم يعد هناك المزيد،لم يعد أحد يتحدث عن قصة الكنز سوى النصابين،ربما لو كنت جئت إلى القاهرة مبكرا لوجدت ما أريد،".
شبل يجلس فى سلام،يسبح،حتى يأتى أحد الزبائن،يتركه قليلا،يعرض أى مساعدة فى أى وقت،يطلب"سيجارة" من الزبون،يقيس شبل مدى استجابته،هناك إشارات يحفظها شبل بعرف بها أن طلبه القادم لن يرفض"ممكن تحاسبلى ع الشاى".

 "الشيخ بندقية"

فى 1987،جند كامل السيد،فى قوات الأمن بأسيوط،لا شىء مميز فى حياته قبل التجنيد أو بعدها،لا حياة مميزة،أو وجه مميز.
"لم أكن أرى،كأنى شبح،رقم فى أشلاء،مجرد عابر،أسير ،آكل،أصحو،أنام ،لا أحد يرانى ،لا أحد يذكرنى ،لا أحد يستوقفنى ولو قليلا لتبادل الحديث ،كنت لا شىء،لكن وهب الله لنا العقل،كى نصير شيئا".
عندما استعمل كامل عقله،قرر أن يصير مرئيا،لذا صنع بندقية من خشب،صارت فيما بعد هى صديقته الوحيدة فى تلك الدنيا التى يعرف كامل لم "لا تسوى عند الله جناح بعوضة".
لم تفارقه البندقية الخشبية،منذ العام 1987،فقد صارت علامته المميزة"لا أحد يرى جسدى،لكن لا أحد يتعامى عن بندقية حتى ولو كانت من الخشب".
بعد الجيش،لم يجد عملا،لكنه وجد الطريق.انضم فترة إلى الطريقة السعدية،ثم إلى الطريقة البرهامية،"لم ارتح لأى لمنهما بعد موت شيوخهما الكبار،لم يعجبنى الابناء الذين ورثوا الطرق".
بعد رفضه للطريقة السعدية،والبرهامية،اعجبته الطريقة الشناوية،فهو على الأقل يعرف شيخها،الشيخ حسن الشناوى،الذى ورثه ولده سعيد بعد وفاته.
"لم فضلت تلك الطريقة؟ ".
"لأنى أثبت وجودى بها".
"لم أفهم،هل كان للشيخ الشناوى كرامات تميزه عن البرهامية والسعدية".
"نعم كانت له كرامات،فقد اعطانى مرة 50 جنيها كاملة".
لا يدفع كامل مليما،وهو يتبع احباؤه من مولد إلى مولد،لا أحد يأخذ منه نقودا،هكذا جاء من أسيوط،بعمامته الحمراء،يعرف السائقون انه "على الله" يعيش.

فى الجبانة،بيت كامل،لا أهل ولا ولد،يقرأ القرآن،ولا تفارقه البندقية.
تلك البندقية التى بدأت " ضحكة فى لعبة"،هى مصدر رزق له،فهى "تجعل الآخرين ينتبهون إلى،من ثم يضحكون"،هكذا أجبرت تلك البندقية أن تلفت انتباه المحافظ ذات مرة ليمنحه "نفحة".
يخدم شبل الله،لكن كيف؟.
"هل تملك شيئا لخدمته؟".
"خدمة الله لا تتطلب أن تملك شيئا،افعل ما استطيعه،اقدم طبق أكل لعابر،كوب ماء،لا يطلب الله الكثير،خدمة الرب أسهل من خدمة العبد".
"كيف كنت ستعيش لو لم تكن فى الطريقة الشناوية".
"لا اعرف،انضممت لها لأعيش،لهذا فضلت الشناوية،الكلمة الحلوة فى وجه انسان تكفى تكفى لأعيش معم للأبد،هما يمنحونى كل شىء،لكن أهم من الطعام،والكسوة،كلامهم الطيب،هل قابلت شخصا من قبل،كنت على استعداد،لتبذل روحك من أجله بكلمة حلوة منه؟".
الشناوية،لا يحتاجون أن يحمل كامل البندقية طيلة الوقت ليروه.
أخرج لى بطاقة عضويته فى الطريقة،فى خانة الصفة كتبت:خليفة.
"ماالذى تعنيه كلمة خليفة؟".
"لا أعرف،لكن الشناوية يعرفون،هم لا يخطئون،فهم يسيرون على الصراط المسمى".
فكرة البندقية عند الشيخ كامل تطورت من جعله مرئيا،لجعل أسيوط مرئية فهو يذكر الناس أنها لازالت على الخريطة وان منها خرج"عبد الناصر والشيخ طنطاوى رحمه الله مفتى الجمهورية،وكامل صاحب البندقية"
"ماالذى جعلك تقف لتصورنى وتتحدث معى؟".
"..."
"لم ترانى..لفت نظرك استعراضى بالبندقية".
عندما ينتهى مولد السيدة نفيسة سيعود كامل إلى أسيوط كما جاء"على الله"ليستريح قليلا قبل أن يشد الرحال مرة أخرى إلى مولد سيدى على زين العابدين.
  
"دى جى الزعيم برشامة :المولد فيه زحمة للعيش واللحمة".
تحت لافتة حمدين صباحى،المرشح الرئاسى،التى تهنىء أهالى السيدة نفيسة بمولد نفيسة العلوم،يغنى محمد حسين أو الزعيم،القادم من دار السلام مع فرقته بناء على طلب اصدقاء له من ابناء المنطقة للمشاركة فى احياء الليلة.
دى جى الزعيم وصديقه برشامة،لم يتعود على الغناء فى مولد،تلك هى المرة الأولى،ولم يتلق عنها أجرا على عكس حفلاته فى الأفراح.
أمام الدى جى مباشرة،يوجد كشك كبير لبيع الأغانى الصوفية.
صوت الدى جى العالى،جذب رواد المكان،الشباب والعائلات،بينما لم يجد صوت ياسين التهامى،عبر الدى فى دى بالكشك،وهو يروى قصة سيدنا اسماعيل وستنا هاجر،تجمعا يليق بمكانة صوت الشيخ.
شبل،صائد اللحم،كان أكثر اتساقا مع نفسه وهو يرقص على انغام الزعيم"الوسادة الخالية..تعبت منى يا غالية"،لم يجد شبل نفسه مع تطويحات الذكر.
الزعيم،محمد حسين،يملك حلم.ساعدته عليه الصين،فمنذ 5 سنوات كانت عدة دى الجى"الأصلى" يصل سعرها إلى 60 ألف جنيه،أو مايزيد،لكن الله خلق الصين،لتجعل الأحلام سهلة على ابناء دار السلام التى غنى لها حسين،فسعر الدى جى الصينى لا يتعدى 25 ألف جنيه،تقاسمها مع برشامة أو سعيد عصمت،صاحب واحد من أكثر مواقع الغناء شهرة "طرب ميكس" والتى يضع عليها سعيد آخر الأفلام والأغنيات،لكن ما يميز موقعه تحديدا هو جمعه للأغنيات "التكنو شعبى" لزملاؤه عمرو حاحا،وفيجو،وأورتيجا".
بدت أغانى الزعيم فى البداية،ضد حالة المكان فهو يغنى للدنيا،فى المكان الذى يغنى فيه لله والرسول وآل بيته.
"ألا ترى أن أغانيك قد تتعارض مع روحانية المكان،الذى تعود على الانشاد الدينى،أكثر من الأغانى الشعبية؟".
"لا يوجد تعارض،مستمعوا الانشاد الدينى،هم أيضا جمهور الأغنية الشعبية،لذا لا يجدون غرابة فيما اغنيه يشعرون بنفس الاحساس،بدليل أنهم من طلبونا للغناء،انظر للطريقة التى تجمعوا بها حولنا،الأناشيد تغنى لدينهم،لكن اغانينا تنشد لدنياهم.".
لم يجهز الزعيم أغنيات خاصة للمولد،لكنه يغنى ساعتين ويترك ساعتين على الدى جى"لتراكات ياسين التهامى والدشناوى".
اثناء غناؤه،مر عسكرى وشاور باصبعين على كتفه علامة أن هناك رتبة كبيرة ستمر،غنى "الزعيم :ممنوع دخول ..أى مسطول". وعندما مر لواء الشرطة،لم يجد الزعيم طريقة لتحيته سوى أن يغنى بدون موسيقى:"الجيش والشعب ..إيد واحدة".
يقول الزعيم:كانت تحية عابرة..حتى لا اتعرض للأذى..فقبل الثورة كنا نواجه صعوبات فى استخراج التصاريح لنصب الدى جى..لكن بعد الثورة خف ذلك كله".
عودة الشرطة أو "الحكومة"،هى علامة مولد هذا العام،ففى العام الماضى لم تتواجد الشرطة بكثافة لتأمين المولد.
للزعيم خطط بديلة،فاخوه "مدير بنك" ،وان لم ينجح مشروع الدى جى،فبمجرد انتهاؤه من الدراسة ب"أكاديمية المقطم" نظم ومعلومات،سيعمل فى البنك مع شقيقه،ليتمكن من مواصلة أحلامه فى الغناء.
عندما أذن المغرب،اوقف حسين،الغناء صارخا"الصلاة ..الصلاة" كان ينبه صاحب كشك الأناشيد الدينية،الذى لم يغلق الدى فى دى الذى يغنى عبره ياسين التهامى،فى محاولة يائسة لايجاد مكانا لصوته فى هواء ابتلعه دى جى الزعيم.
عندما انتهت الصلاة،عاد حسين للغناء منبها الناس لعودته بعبارة"اللى يحب رسول الله يرفع ايده..معايا ع السقفة".
 "عاطف الطيب..عن المساكين يتحدث"
منذ 25 عاما،لم يتغير مكان عاطف الطيب فى المولد،يأتى كل عام من طنطا،بشرائط الكاسيت،لينصب كشكه فى نفس المكان،كاشفا ببصره مسجد نفيسة العلوم،ذلك العام حجب دى جى الزعيم عنه الرؤية وعن صوت ياسين التهامى،السماع.
يملك الطيب محل "مولانا سيدنا الحسين "فى طنطا،عند السيد البدوى،لكنه يدور ببضاعته من مولد إلى مولد،"لا طمعا فى مكسب،انا ربنا مدينى قرش وخير،بس محبة آل البيت،هى اللى مدية مهنتى قيمة".
عاطف يعلم أن "الدى جى لم يخطف الرزق،لكن مكانه ليس هنا".
ويرى أن الطاقة التى يهدرها شيوخ السلفية محمد حسان ومحمد يعقوب على تحريم التعلق بحب آل البيت،كان عليهم أن يوظفوها فى تعليم الناس "من هم آل البيت".
"الحياة ليست فى الاستوديو،وهنا الصالح والطالح،الصادق والكذاب،كما اتضح لنا ان بين السلفيين أيضا الصالح والطالح،الصادق والكذاب،هم بشر ونحن بشر"
لكن الذى يختلف هنا"ان هؤلاء الذين يقطعون المسافات،لزيارة آل بيت،كلهم مساكين،تكفيهم طبطبة من شخص لا يعرفونه،شربة ماء يقدمها إليهم خادم لله،ليبتسمون،احنا عارفين ان السيدة نفيسة مافيش فى إيدها حاجة،بس احنا بنحبهم،عشان هما كمان حبونا،هم سفينة نوح التى من تعلق بها نجا،كما قال رسول الله،وييجى بعد كده السلفيين يحرموها،بنحبهم لحبهم لربنا،ده لو يهودى وشاف تعلقهم بدينهم،هيحبهم".
عاطف،لا يقرأ ولا يكتب،وهو من أشد المعجبين بحازم أبو اسماعيل،كداعية لكن"تطلب كرسى لأ،مش عايزك،الدعوة هى اللى باقية،لكن السلطة؟ ليه"،وهى نفس الرسالة التى يوجهها عاطف لخيرت الشاطر"بلاش الدولة،خدوا كل حاجة وسيبوا الدولة،دينها وسط".
يلوم عاطف على السلفيين لتحريمهم المبالغ فيه لكل شىء"بيقولك ما تسلمش على المسيحى،ما تاكلش معاه،حرام تعيد عليه،هو مش سيدنا محمد هو اللى وصى بأقباط مصر خيرا،يعنى سيدنا محمد كان بيضحك علينا؟انتوا هتبلفوا دماغنا".
تحريم الموالد،هى قضية السلفيين منذ الأزل ربما لأنهم لم يفهموا المغزى"هنا فرح الغلابة،والمساكين،يقول الرسول الكريم:اللهم أحينى مسكينا،وامتنى مسكينا،واحشرنى مع زمرة المساكين".
يشير عاطف إلى المشهد المزدحم "بالمساكين" ويؤكد:كان الرسول يريد أن يصير مثل هؤلاء،فهؤلاء هم الذين يحيون بلا إلا الله وتريحهم الصلاة على الرسول،فبأى حق يأتى من ينتزع منهم خط الحماية الأخير ضد الحزن والفقر.
يقول الطيب:لو كان السلف مثل آل البيت،هل أحدهم مثل السيدة نفيسة التى حفرت قبرها بيديها وختمت فيه القرآن 6 آلاف مرة.
هل هم بهذا الزهد،لو كانوا بهذا الزهد،فلم نر تزاحمهم على "كرسى العرش"
"هل ستتعدل الأحوال؟".
"شجرة الدر نهبت من مصر أكثر مما نهبه من مبارك،تلك البلد تسرق من قديم الأزل،سرقتها،ستستمر".
"والثورة؟".
"الثورة توقظ الخير فى دماؤنا،ثروة تلك البلد الحقيقية فى  دماء ابناؤها،لذا لن يتوقف النزيف".

عندما جاء السادات إلى عمران فى المنام ليوكله بالطواف حول ميدان التحرير
منذ الصباح،وحتى ختام الليلة الكبيرة بآذان الفجر،لم يكف عمران عاشور زكى عن الطواف حول الحديقة التى تواجه المجلس،مرتديا رداؤه وعمامته الخضراء،ومعلقا صورة الرئيس الراحل أنور السادات.
لا يقف ليشرب،أو ليأكل ولا ليدخن سيجارة،فقط يدور فى حلقات،شاخصا بعينيه نحو اللاشىء،بينما هو "يراقب كل شىء" لم يخرجه عن دورانه،سوى شقاوة صبى يحاول أن ينزع صورة السادات،ساعتها سيبدو عصبيا .
لم ينضم عاشور إلى أى طريقة"وما حاجتى إلى ذلك؟ اليس هناك مرشحون مستقلون،وانا أيضا طريقتى مستقلة،احب آل البيت فى صمت".
لا يروى عاشور،حكاية مترابطة،تتقافز الأحداث الحقيقية والمتخيلة فى ذهنه،ينتج روايته "المستقلة" عن كل شىء،روايات عاشور ليست هى الحقيقة،لكن من قال انه يحتاج لأن يروى الحقيقة،ما يقوله أكثر جاذبية،فهى رواية بألف وجه والف احتمال،بينما الحقيقة لا تحمل سوى وجه واحد.
تزوج 5 مرات،قبل أن يأتى العام 1984 ويقدم استقالته من القوات المسلحة،التى كان يحمل بها درجة رقيب،"نتيجة شكاوى النسوان المستمرة له".
لهذا انضممت إلى الطريقة"كى يعصمنى الله من زوغان النفس،لأملك روحا".
"وما الفارق بين النفس والروح؟"
"النفس هى ما تملكونها أنتم،لذا تخشون عليها الموت،أما من يملك روحا فالروح لا تموت".
"وهل نجح امتلاك الروح فى أن يعصمك؟"
"كل شىء يجرى بقدر،لم تنجح تماما،لكنها قللت فرص المعصية،تزوغ عينى أحيانا،ومعه يزوغ القلب،لكن الشىء الربانى،يعيدنى مرة أخرى إلى صوابى".
وعن صورة السادات يقول عمران،احب السادات لأنى من المنوفية،كما أنى اعيد له حقه المسلوب عندما قتل،وشمت فى موته الاسلاميين.
ليلة 25 يناير وفقا لرواية عاشور،جاء السادات إليه فى المنام وطلب منه الطواف حول ميدان التحرير فقط ليطمئنه على أحوال البلد.
"ولم الطواف؟".
"كى ادعو الله أنى يسترها،كى انقذهم من حدوث كارثة"؟.
"لهذا تطوف فى المولد؟".
"نعم ،لأراقب كل شىء،كالأب فى فرح ابنته،يظل مشغولا ومهموما،طوافا حتى تمر الليلة بسلام".
فى اضراب 6 إبريل،حضر عاشور،ودعا الله أن يقذف على المتظاهرين "طيرا أبابيل"
دخول،عاشور الطريقة كان وراءه حلم أيضا،يسميه عاشور"حاجة ربانى" طلبت منه "الحاجة الربانى" أن يذهب إلى أحد الأضرحة فى مركز تلا،وينزع خرقة خضراء بالجوار ليرتديها.
شارك عاشور فى كل أحداث مصر وفقا لروايته بدء من الأسر فى حرب أكتوبر 1973،وحتى أحداث محمد محمود،التى كان يدعى فيها عاشور على المتظاهرين،لا ينكر عاشور حبه لتوفيق عكاشة صاحب  قناة الفراعين ودفاعه عن مبارك ودعاؤه له حتى اللحظة الأخيرة لتنحيه،قبل أن يدرك انه كان على خطأ،ثم عاد وأيد المجلس العسكرى.
عندما انتهى الحديث استمر فى طوافه،كى "تمر الليلة بسلام".






 أحمد الفخرانى 
فوتوغرافيا :شريف عبد المجيد
نشرت فى أخبار الأدب بتاريخ 13/5/2012


No comments:

Post a Comment