Sunday, April 22, 2012

ثلاث حكايات وعظة عن "الأباحة"



عندما سب محمود الدين،فخرج عن ملة الاسلام،وانقذت مؤخرته من النار بفتوى قابلة للتصديق.
خامسة ابتدائى،الحوش،زمن الفن الجميل،والكراش أبو ربع جنيه،الحياة قبل تويتر وألعاب الاستراتيجى،كنت قصيرا،كعقلة الاصبع،وعندما كبرت،تغير كل شىء الا كونى قصيرا!!.
كان محمود،ثالث ثلاثة.
أنا،وأحمد الديك،ومحمود.
محمود،أصيعنا وأخفنا فى الدم.
كان كل شىء مزهرا،فنحن فى مرحلة الطفولة،صداقتنا تسير على ما يرام،نلعب سين صاد عين فركش،فى الفسحة للتغلب على الآثار النفسية المدمرة،لمدرس حساب يصر أن ندفع نحن فاتورة أن لديه اصبعا مبتورا.
لكن تلك اللحظة، كانت مزلزلة،وكاشفة،كانت لحظة الحقيقة التى تهدد بفركشة شلتنا الصغيرة.
كنت مشغولا بالكراش.
عندما وجدت محمود يحيل الفسحة إلى مندبة،ببكاء حار،بينما الزملاء يحاولون مواساته فى مصيبته.
لقد سب محمود الدين لشخص ما،اثناء اللعب.
فورا ترجمت ذلك إلى الأسطورة التى نفخها مدرس الحساب وعالم الدين(صاحب الاصبع المبتورة)،فى نفوسنا الشقية.

سب الدين،ترج له السماوات السبعة،كما أنه يخرج صاحبه عن الملة.
كان ذلك يعقد الأمور،بعد أن وقع محمود فى المحظور،حتى ان رفاق الفصل والكانتين والسين صاد عين فركش،لم يملكوا حلا جذريا سوى مواساته.كنا متعاطفين مع ذلك الذى سيذهب إلى النار بغير رجعة،لخطأ  عفوى غير مقصود فى الأداء،انها نرفذة ملعب يا كابتن.
كان المدرس صاحب الإصبع المبتور،يقف شامتا،مستمتعا ربما بالطريقة نفسها التى كان جلاد سليمان الحلبى،ينظر إليه وهو متخوزقا بلا حول ولا قوة(اسمه ممدوح واشعر بغضب لانى لا اذكر اسمه الثلاثى الآن ولا أملك صورة له،كنت اعرف انى سانتقم يوما ما بصورة أو بأخرى).
تملكتنى مشاعر متضاربة،فمن ناحية هو صديقى،وبدونه لا تكتمل اللعبة ولا الفرح،لكن هل سيقدر الله ذلك؟،كيف تحول فجأة من صديق إلى عدو لله .
لم تكن البرامج الدينية قد انتشرت،لم يكن هناك سوى حديث الروح،قبل النشرة،ولم أكن اشاهده الا كتلكيكة للجلوس أمام التليفزيون فى جولة إضافية  بعد المسلسل.
تفتق ذهنى عن فكرة،استلهمتها من فيلم فجر الاسلام،حنظلة ومحمود مرسى وانها رائحتى وانا فخور بها،هو الآن كالكفار،وكل ما يحتاجه هو الدخول للاسلام من الجديد هو أن ينطق الشهادتين.
نطقت بالفكرة فنطق محمود بالشهادة،وكفت دموعه،وهنأه رفاق الفصل،وهدأ المشهد تماما.
لكن علاقتنا فيما بعد لم تعد كما كانت فأنا من السابقين إلى الاسلام،بينما هو من المؤالفة قلوبهم.


-------


كيف تعرف الحقيقة؟لا تحاول.الحقيقة سطحية وتافهة،و محاولة تخيلها أكثر متعة.
لكن طالب فى كلية تربية رياضية،يمرنوه فى المدرسة،على أن يصير مدرس العاب،دخل فصلنا مرة فى حصة غاب فيها أحد المدرسين ،بدأ فى الشرح،جاء ليقتل الحقيقة.
فى الاعدادية،زمن الفن الجميل أيضا:فوجئنا بالشاب الصغير،يدخل الفصل ودون كلمة ترحيب،نصب سيركه،أمسك الطباشيرة البيضاء،ورسم خيطا مهزورا،له رأس وعينين،ثم كرة بيضاوية.
عرفنا فيما بعد أنها الحيوان المنوى،وان الكرة البيضاوية هى بيضة المرأة.
اصيب الفصل بالذهول.
ثم تحول هذا الذهول إلى حزن ونهنهات،عندما بدأ فى الحديث:
عايز النهارده اكلمكم عن موضوع خطير،ذلك الشىء،الذى تمارسونه على انفراد وفى سرية ،اريد فقط أن أسألكم سؤالا واحدا،هل سمعتم عن الشخص الذى مات وهو يفعل ذلك،وهى القصة التى سيستخدمها الاسلاميون على اليوتيوب،فى محاولة منهم لايجاد طريقة "حلال" لاستخدام الانترنت بضوابط شرعية.
كنت مندهشا،صدقنى،فقد كنت بريئا كعنقود العنب كالآيس كريم فى ديسمبر آيس كريم فى جليم،كالشباب الطاهر النقى اللى طلع يوم 25 يناير(بمعنى آخر كنت عيل أهبل وسيس ).
لم أعرف عما يتحدث هذا المدرس،الذى يخترق مشاعر الفصل بعذب الحديث فتأخذه حالة وجوم وبكاء،كان يتحدث عن الشىء،دون أن يقول ما هو هذا "الشىء"،بنفس الطريقة التى تخصص بها ملفا عن "الأباحة" دون أن يكون ذلك سببا قويا للكتابة "بأباحة".
تابع المدرس:تخيل أن أمك أو ابيك دخلا عليك الحمام وأنت تفعل؟ثم حكى عن قصة أخرى،لشخص فاجئه أبيه عاريا،فتوقف قلبه من الرعب.
كان زميلى بهاء،فى التختة ،بلطجى الفصل،الذى جاءت قرعتى من نصيبه،يبدو كيائس ومحطم،ذلك الذى هددنى كثيرا بالضرب،لأنى لم أغششه فى امتحان الشهر،وحول حياتى إلى جحيم،تحول إلى  عصفور مبلول،وللمرة الأولى فى تاريخنا المشترك والقصير اشعر نحوه بالشفقة.
المدرس الشاب،انتقل إلى فاجعة أكبر،جعلت وش بهاء اصفر كوجه عمر سليمان وهو يلقى خطاب تنحى المخلوع(هل اخفى المكياج ذلك؟ ام استسلم سليمان لعفوية اللحظة)،لن نصبح آباء فى يوم من الأيام،هكذا قرر،ف"الشىء" الذى يفعله بهاء،والواضح ان الفصل كله كان يفعله،ما هو الا كنز محدود من الرب،نحن نرميه فى السلة الخاطئة،نمنحها للهواء،بينما علينا أن نمنحه للبيضة التى لم يشرح مدرس ألعاب المستقبل أين مكانها فى جسد المرأة،وبعد هذا؟ ألن نجد خيوط رفيعة للبويضة؟.
دق جرس الفسحة،بهاء مشى مع المدرس،وانا معهما،على أحد الكراسى فى الحوش،كان مدرس الألعاب،يمنح صك الغفران لبهاء كقسيس فى غرفة اعتراف.
كان الحديث أكثر انفتاحا،فبدأت الأمور قليلا فى الاتضاح،سأل بهاء سؤالا بدا معجزا للمدرس الذى يعرف كل "شىء"،حتى خطورة ما بعد ممارسة"الشىء":كم حيوان منوى أملك وهل ما احتفظت به ولم اطلقه للهواء سيكفينى ان توقفت الآن؟.
لكن المدرس الذى ارتبك قليلا ،تمالك نفسه ليجيب:يمنحنا الله ما يكفينا،ثم اصدر حكمه النهائى بثقة:لكن ما ذهب لن يعوض،ما ذهب لن يعوض..لا حل لك سوى التوقف الآن.
فيما بعد طبعا ساعرف ان المدرس جاهل،وان كل شىء يعوض،وان اللى اتكسر بيتصلح،وان تامر حسنى سيغنى "لسة اللى جاى أحلى".
ربما توقف بهاء فعلا،أو قرر الانتحار،او مع الوقت لم يستطع المقاومة أكثر بعد حصة الرعب هذه،لكن ما اعرفه ان اليوم الذى كنت فيه الشخص الوحيد فى الفصل الذى كان جاهلا بكنه هذا "الشىء" انتهى وانا اعرف ان "لزوم الشىء " له فوائد ممتعة أكثر من التبول،وانه المسئول الأول والأخير عن وجود كائنات حية تخترق الفصول فى لحظات عبثية،وتقتل الحقيقة بمحاولة شرحها،لذا فمن الأفضل دائما قتل تلك الكائنات مبكرا وهى فى المهد.
------

كيف انتصرت الفتاة ذات الحذاء الأحمر  على حيلة الذئب الذى اشتغلها بقوله :أنا تيتة
ما أكبر جريمة يمكن أن ترتكب على الأرض؟ فى رأيى أن يأتى شخص،ليثبت بالدليل القاطع،أنه لا توجد كائنات أخرى فى المجرات،وأن الأطباق الطائرة مجرد خدعة.
لن أمانع حينئذ أن يحل حازم أبو اسماعيل أو الشيخ يعقوب دمه،بل وسأخرج فى مظاهرات تغلى ضد هذا الكافر الزنديق،وساتمنى لو عاد العهد لتكرر الكنائس فى أوروبا ما فعلته بجاليليو،لتخيره بين شيئين،الموت أو التوبة وانكار أقواله.
للعنصرية فوائدها،ومنها أنها قد تستطيع أن تطرد خارج الانسانية  كل من يقتل الأمل فى وجود عوالم أكثر خيالا وقسوة وكائنات لا تعرف الكذب والمناورة:جئنا لنقتلكم،جئنا لنحرركم من غباؤكم،من غروركم،من صراعكم الأبدى على لقب الفرقة الناجية،الشعب المختار،جنسكم الآرى،الحلم الأمريكى،مصر يا أول نور فى الدنيا شق ظلام الليل،وان ملتى كده الدنيا تميل.

تخيل أن هناك كوكب،فى مجرة،يتمكن من كتابة كلمات أبيحة فى قصة أو رواية،دون أن توقفه شرطة النهى عن المنكر،فى ضميره أو فى ثلاجة ضمير الآخرين،فقط لأن مفردات لغته لا تعرف سوى تلك الكلمات.
بل هى لست سوى قاموس بسيط من مفردات بسيطة،أغلبها تنويعات بين الإيه سفن إيه،والاستخدامات الباهرة للحنجرة،والاستخدامات المباشرة والتى تشير إلى الأعضاء الجنسية فى دلالات بلا حصر،أو تحيل طرق  الأداء الجنسى،إلى دلالات على الرخاوة او القبح أو التلون،لكنها تحولت فى لغتهم الباهرة والمكثفة إلى دلالات اسمى تشير إلى الرجولة والجمال والثبات على المبدأ.

تخيل أن هؤلاء لن تقنعهم كلمة يضاجع حتى،لن يحتاج إلى مدونة أو حساب على تويتر ليقول ما يريد،لن تواجهه أزمة عندما يكتب قصة عن كاى باركر ملكة أفلام البورنو:أين أنشرها؟لن يدفنها الفضائى فى نوت على فيس بوك؟.
لن يفهم الفضائى ماالذى تعنيه كلمة السينما النظيفة،لن يرى أى انجاز فى أن تقول فاتن حمامة (الفضائية) لمحمود ياسين(الفضائى):يا ابن الكلب..بينما مقص الرقيب يقص حنجرة فاتن من على الشريط.
لن يستوعب الفضائى ماالذى يفكرون فيه عندما يعلنون قائمة الفائزين بجائزة ساقية الصاوى للقصة القصيرة.
سيسخر حتما،من الثنائية التى يعيشها الأرضيون،سيسبون كل شىء، الدين والدنيا،لكنهم لن يقبلون أن تكون تلك القباحة معلنة ولو فى جرافيتى على حائط نشره فنان اعتراضا فى الأساس على فعل أكثر بذاءة من كلمة عابرة.
عندما يأتى هذا الفضائى إلى هنا،ليقرر العيش فى سلام والكتابة فى بيئتنا الصحية،ستنفجر جمجمته بنفس الطريقة التى حدثت فى فيلم (مارس أتاك).
لذا سيعرفون عندما يأتون فى أطباق طائرة لغزو الأرض أن الطريق واضح،اقتلوهم،هنا خلاصهم،وخلاص المجرة.
ما علاقة العنوان بما كتبته؟ إيه سفن إيه،ألم تفهم بعد؟ أتعرف لم؟لأنك أرضى بما فيه الكفاية ليقتلك المريخيون.
لكن دعنا نجد علاقة،الذئب كان يريد أن "يضاجع " الفتاة ذات الحذاء الأحمر،فقال لها :أنا تيتة.
ما لا يقصونه انها كانت تعلم انه ليس "تيتة"،وانه الذئب.الفتاة كانت تريده أن يشتغلها،أن "يضاجعها" لكن لأنها أرضية كان لابد أن يمر ذلك بتلك الطريقة:أن يخبرها انه ليس ذئبا يضاجع،بل تيتة تحيك الشيرز الصوف.
ما يقصونه انها قاومته،وشوته حيا فى إناء مغلى(ليس حفاظا على عفتها،لكن سترا للأجيال السابقة والتالية كى لا تخرج ذات الحذاء الأحمر على النسق).
ما لا يقصونه ان ثمة انسانية فى الغريزة،ثمة حياة غير مكرورة،ثمة ذئب ليس ملعونا بالضرورة.
ما يقصونه:أن كل شىء مر بأمان،وان تيتة عادت من بطن الذئب،والفتاة ظلت تغنى دون أن تفقد حذاءها الأحمر(دم بكارتها).
ما لايقصونه انها من حصلت على ما ارادت،بينما خرج الذئب ملعونا،وان اللغة تحتاج إلى جانبها المشوه والقبيح لتتمكن من قص الحكاية بالف طريقة،وليس بالطريقة الوحيدة المضمونة لنجاة الحذاء.


بعض مما تسلل من الكلمات القبيحة إلى قاموس الفضائيين بعد زيارة مبعوثهم إلى الأرض
الخواجة،المتهاك،كأس أمك،زهدى،يا اخى أحمد،احطه،شباب 25 يناير الطاهر،الاستقرار،لقد كنت شابا مثلكم،الشعب كله لازم يشترك،آه يا كستبان قلبى آه يا بزرة الرمان،عزبتنى فى حبك،المندسون،اصحاب الأجندات،أغنية وطنية،غزوة الصناديق،ياواد يامؤمن،علاقات جنسية كاملة،جتكوا القرف خربتوا البلد،التمويل الأجنبى،مجلس الشعب،البرادعى،بونبونى،البلوفر،الثوار،عجلة الانتاج،لا نطمع فى السلطة،وثيقة السلمى...ولسه اللى جاى أح......مد يا عمر.

----
نشرت فى أخبار الأدب 

2 comments:

  1. اخيراً وجدتك مرة تانيه يا فخرانى.. فين ايام المدونه القديمه واوائل 2005.. تتغير التواريخ والإبداع لا يموت

    ReplyDelete